تكملة القاعدة الاولى
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
مثال ذلك
(الحي):
اسمٌ من أسماء الله تعالى متضمِّنٌ للحياة الكاملة التي لم تُسبق بعدم ولا يلحقها زوال؛ الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها.
قال الشيخ محمد امام الجامي رحمه الله
في شرح القواعد المثلى
(مثال ذلك : الحي)
هو الحي؛ إذا قلت: (هو الحي) هذا الأسلوب يفيد الحصر (هو الحي)
يعني: هو وحده الحي، لا يوجد حيٌّ آخر ؟ الأحياء كثيرون لكن حياةُ الله غيرِ الله بالنسبة لحياة الله كلا حياة، لماذا ؟
لما فيها من النقص الكثير؛ فحياةُ الله تعالى حياةٌ كاملة؛ لا توجد حياةٌ كاملةٌ غير حياة الله في جميع الأحياء؛ جميعُ الأحياء يوصفون بالحياة لكن لا توجد حياةٌ كاملة الكمال المطلق غيرُ حياة الله تعالى، لا حياة الملائكة، حتى حياة الأنبياء المقرّبين الذين اصطفاهم واختارهم حياتهم ليست كاملة، لماذا ؟ لأن حياتهم كانت مسبوقة بعدم، كانوا غير موجودين فوُجدوا فأوجدهم الله وأحياهم، ثم إنّ هذه الحياة لا تدوم تزول، وقد ماتوا، الأنبياء كلهم ماتوا إلا عيسى الذي في السماء سوف يموت، لا يبقى أحدٌ حي؛ الحي الدائم هو الله وحده إذًا: الاسم الحي اسمٌ من أسماء الله تعالى.
(متضمِّنٌ للحياة الكاملة) يدلُّ على هذه الحياة الكاملة.
(التي لم تُسبَق بعدم) لأن الله هو الأول الذي ليس قبله شيء
(كان الله ولا شيء معه، كان الله ولا شيء غيره، كان الله ولا شيء قبله)
هكذا في الحديث، كان الله وحده ولا شيء معه؛ حياةُ الله تعالى لم تُسبق بعدم.
(ولا يلحقها زوال) لأنه الحي القيوم والأوّل الذي ليس قبله شيء وهو الآخر الذي ليس بعده شيء، الباقي الدائم.
إذا كان اسم الله الحي يدلُّ على هذه الحياة الكاملة التي لا تُسبق بعدم ولا يلحقها زوال إذًا هذا هو الاسم من أسماء الله تعالى الحسنى؛ الاسم الذي يدلُّ على مثل هذا المعنى لا يكون من أسماء الله تعالى.
(الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر غيرها)
إذن الاسم الحي دلّ كم دلالة ؟
دلّ ثلاث دلالات:
الدلالة الأولى: دلّ على الذات.
الدلالة الثانية: دلّ على الصفة صفة
الحياة الكاملة.
الدلالة الثالثة: استلزمت الحياةُ الكاملة الدلالة على العلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها من الصفات؛ سوف يأتي في كلام المؤلِّف أنّ أسماء الله تعالى تدلُّ ثلاث دلالات: دلالة المطابَقة، ودلالة التضمُّن، ودلالة الالتزام؛ هكذا افهموا الآن [ … ]
وعلى الصفة الصفة المتصلة أو المفهومة من هذا الاسم هذا تسمّى دلالة المطابقة أي: دلالة الحي على الذات الموصفة بالحياة وعلى صفة الحياة معا،
هذه تسمّى دلالة المطابَقة؛
فدلالة الحي على الذات وحدها يقال: دلالة التضمُّن، وعلى الصفة وحدها دلالة تضمّن، ودلالة الحي عل الصفات الأخرى كالعلم والسمع والبصر دلالة الالتزام سيأتي ذلك مفصَّلاً في كلام المؤلِّف.
(الحياة المستلزمة) الحياة الكاملة تستلزم (لكمال الصفات) تستلزم صفاتٍ أخرى كاملة صفاتُ الله كلها كاملة تستلزم العلم طالما الحياةُ حياةً كاملة لا بد أن يكون الموصوف بالحياة الكاملة أن يكون عالما وأن يكون قادرًا وأن يكون سميعا وأن يكون بصيرًا. لَمّا كانت حياتنا ناقصة لا تستلزم حياتنا هذه الصفات، قد يكون إنسان حي يأكل ويشرب مثل الحيوانات لكن لا يسمع ولا يُبصِر أو لا يعلم ما عنده علم؛ حياتنا لا تستلزم الصفات الكاملة؛ لكن لَمّا كانت صفة حياة الله تعالى حياةً كاملة تستلزم جميع الصفات الكاملة وصفات الله كلها كاملة من ذلك: تدلُّ، لك أن تقول: اسم الله الحي يدلُّ على العلم وعلى القدرة والسمع والبصر وغير ذلك من صفات الكمال، لك أن تجعل هذا دلالة للاسم
ولك أن تقول كما قال المؤلِّف:
(الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر) المعنى واحد.
فهمنا ما في اسم الله تعالى الحي من الدلالة، وكيف كان من الأسماء الحسنى لأنه يدلّ هذه الدلالات الكاملة.
المتن :
ومثالٌ آخر
(العليم):
اسمٌ من أسماء الله متضمِّنٌ للعلم الكامل الذي لم يُسبق بجهل ولا يلحقه نسيان،
قال الله تعالى:
﴿عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَ يَضِلُّ
رَبِّي وَلاَ يَنْسَى﴾
العلم الواسع المحيط بكل شيء جملةً وتفصيلاً سواءٌ ما يتعلّق بأفعاله أو أفعال خلقه،
قال الله تعالى:
﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ
وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ
مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ
الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ
مُبِينٍ﴾،
﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ
رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرُّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ
فِي كِتَابٍ مُبِينٌ﴾،
﴿يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعَْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.
الشرح :
قال الشيخ محمد امان الجامي رحمه الله
في شرح القواعد المثلى
(ومثالٌ آخر) مثالٌ آخر من أسماء الله تعالى:
(العليم: اسمٌ من أسماء الله متضمِّن للعلم الكامل الذي لم يُسبق بجهل)
من هنا تعلمون المشاركة بين صفات
الله وصفات المخلوق إنما هي مشاركة شكليّة، أي: الإنسان موصوف بالحياة وقد علمتم إن حياة الإنسان غير كاملة، ويوصف الإنسان بالعلم، فعلمه ناقص؛ إذا أُضيف العلم إلى الله وقلنا:
(علمُ الله وحياة الله) انتفت المشاركة أساسا، لا توجد المشاركة بين صفات الله تعالى وصفات المخلوق قطعا لأن هذه الإضافة اسمها: (إضافة تخصيص)؛ إذا أضفت العلم إلى الله قلت: (علم الله) اختص هذا العلم بالله؛ فعلم الله تعالى الكامل الذي لم يُسبق بجهل الذي لا يطرأ عليه نسيان أو غفلة أو ذُهول، علم الله المحيط بجميع المعلومات هل أحدٌ يشارك الله في مثل هذا العلم ؟ لا؛ إذًا صفات أو عبارتنا الحديثة مواصفات صفة علم الله تعالى لا تنطبق على أيِّ علمٍ أبدًا؛ لذلك: الإضافة وحدها تكفي لتفرِّق بين صفات الخالق وصفات المخلوق، ولا مشاركة بعد ذلك؛
لذلك: يقال: المشاركة في المطلق الكُلِّي؛ وهذا الأسلوب قد يكون غريبا عليكم لكن نقرِّب بالألفاظ التي نفهمها أي: إنما تحصُل المشاركة قبل أن يضاف علمُ الله إلى الله وقبل أن يضاف علمُ المخلوق إلى المخلوق؛ فمثلاً: علمُ زيد علمٌ ناقص مسبوق بجهل يلحقه النسيان ثم ليس بمحيط بجميع المعلومات؛ مواصفات علم زيد مستحيلة على الله، الله منزّه من أن يشارك زيدًا في مواصفات علمه، أي: لكون علمه مسبوقا بجهل يلحقه نسيان وغفلة وغير محيط بجميع المعلومات؛ هل الله يشارك زيدًا في مواصفات هذا العلم ؟، لا؛ أعطاه علما لكن علمُ الله
الذي أعطى زيدًا هذا العلم الناقص أكمل أو أولى بالكمال؛ إضافة علم زيد إلى زيد وإضافة علم الله إلى الله تكفي لنفيِ المشاركة بين صفات الخالق وصفات المخلوق.
إذًا: متى تحصُل المشاركة ؟ قبل الإضافة: علم، حياة، قدرة، وهل توجد حياةٌ قائمة هكذا دون حي وعلم قائم معلَّقٌ في الهواء دون أن يكون علمَ زيد أو علم خالق أو علم مخلوق ؟ لا يوجد؛ هذا يسمّى المطلق الكلي؛ المطلق الكليِّ هذا لا وجود له في الخارج إنما هو في الذهن، أنت تتصوّر علم ولكن لو قيل لك: أَرِنا هذا العلم الذي ليس علم خالق ولا علم مخلوق معلَّق هكذا وحده ؟ لا يوجد؛ المشاركة: في هذا المطلق الكلي قبل إضافة صفة الخالق إلى الخالق وصفة المخلوق إلى المخلوق؛ مثل هذه المشاركة لا تضر ولا بد منها، إذ لا نتصوّر إلا بهذا المطلق الكلي.
الشاهد لستُ أدري هذا الأسلوب يمشي عندكم أم لا ؟ على كلٍّ: نقول:
(العليم: اسمٌ من أسماء الله تعالى متضمِّن للعلم الكامل)
العلم الكامل من صفات العلم الكامل: (الذي لم يُسبق بجهل) هذا معلوم،
(ولا يلحقه نسيان) واضح.
....
[المتن ]
قال المؤلف :
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
في القواعد المثلى
والحسن في أسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسمٍ على انفرده، ويكون باعتبار جمعه إلى غيره فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمالٌ فوق كمال:
مثال ذلك: (العزيز الحكيم) فإن الله يجمع بينهما في القرآن كثيرًا، فيكون
كلٌّ منهما دالاًّ على الكمال الخاص الذي يقتضيه وهو العزّة في (العزيز) والحُكم والحكمة في (الحكيم)؛ والجمع بينهما دالٌّ على كمالٍ آخر وهو:
أنّ عزّته تعالى مقرونة بالحكمة؛ فعزتّه لا تقتضي ظلما وجورًا وسوء فعل كما قد يكون من أَعِزَّاء المخلوقين فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم فيظلم ويجور ويسيء التصرُّف.
وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعز الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمته فإنهما يعتريهما الذل
[ الشرح ]
قال
الشيخ محمد امان الجامي رحمه الله
في شرح القواعد المثلى
(والحسن في أسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسم على انفراده).
كل اسمٍ من أسماء الله تعالى بالغٌ الغاية في الحسن.
(ويكون باعتبار جمعه إلى غيره فيصل بجمع الاسم إلى الآخر)
وذكرهما معا (كمالٌ فوق كمال).
مثال ذلك: (العزيز الحكيم).
لننبهكم مرّة أخرى على تناقضات الأشاعرة: الأشاعرة يُثبتون لله العزة ولكن لا يؤمنون بالحكمة، يقولون:
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، (اللام) هذه ليست (لام العلة) أو
(لام الحكمة) يقولون: (لام الصيرورة) ليصير الأمر فيما بعد إلى عبادة سبحانه وتعالى لأن أفعال الله تعالى لا تُعَلَّل هكذا يقولون أفعال الله تعالى لا تُعلّل، لا يقال فعل لكذا، خلق لكذا، شرع لكذا، لا يُقال هذا، وارتكبوا ارتباكا، وآخر من ارتبك الشخص الذي دائما نكرِّر اسمه: البوطي في كتابه، هذا ارتبك في وصف نفي الحكمة ارتباكا لم يستطع أن يقول بصريح العبارة: ليس بحكيم، ولم يستطع أن يقول بصريح العبارة بأنه حكيم لَفّ ودار ولَتَّ العجين وأخيرًا قدّم شخصا قال: كما حقّق فلان؛ وفلان لَمّا جاء فعل مثل فعله يدور فخرج بدون نتيجة؛ هكذا الإنسان إذا حادَ عن الجادّة ودخل في بُنَيّات الطريق لا يدري أين يهلِك.
كيف تنفي الحكمة على الحكيم، يعني يفعل بعث يخلق ويرزق ويشرِّع بدون حكمة ؟ لم يستطع أن يصرِّح بهذا المعنى ولم يستطع أن ينفي؛ ولو قرأتم هذا الموضوع في كتابه تستغربون وتزدادون إيمانا بالله كيف يقسِّم المفاهيم بين عباده؛
المفاهيم مثل الأرزاق مقسومة بين العباد هذا له فهم وهذا له سبحانه.
(فإن الله يجمع بينهما في القرآن كثيرًا؛ فيكون كلٌّ منهما دالاًّ على الكمال الخاص الذي يقتضيه ذلك الاسم وهو العزة في (العزيز) اسم الله (العزيز)
يدلُّ على العزة الكاملة.
والحُكم والحكمة في (الحكيم) اسمُ الله (الحكيم) يدلُّ على الحُكْم العادل والكامل والحكمة البالغة الكاملة.
(والجمع بينهما دالٌّ على كمالٍ آخر وهو) انبهوا لهذا الكمال الآخر.
(أنّ عزّته تعالى مقرونة بالحكمة) عزة مع الحكمة.
(فعزّته لا تقتضي ظلما وجَوْرًا وسوء فعل كما قد يكون من أعِزَّاء المخلوقين) المخلوق مخلوقٌ ما إذا صار له عزّة وغَلَبَة وملك.
(فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم فيظلم) ولا يبالي لأنه يقول: مِن الذي فوقي، من يأخذني.
(ويجور ويسيء التصرُّف) ويقرِّب هذا ويُبعد هذا، ويأخذ مال هذا، ويظلم هذا، ويقتل هذا إن شاء، يتصرّف لأن عزّته هذه ليست مقرونة بالحكمة عزّة طائشة.
لكنّ الله سبحانه وتعالى في عزّته حكيم سبحانه.
(وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعز الكامل)
يحكم وهو العزيز الكامل في عزّته، ويتصرّف بحكمة وهو العزيز الكامل في حكمته.
(بخلاف حكم المخلوق وحكمته فإنهما يعتريهما الذل)
قد يطيش صاحب العزّة فيظلم، ولكنّ العزيز الحكيم الحليم قد يتركه فترةً من الزمن يظلم ويبطش ويسيء فيأخذ أخذ عزيز مقتدر فيُذِلُّه فتنتهي عزّته وحكمه وملكه إلى الذُلّ لأنه شيء طارئ لأن الله وحده يُعطي الملك من يشاء وهو الذي يعطيه وهو الذي يأخذ وهو يوفِّقه وهو يُخْذله.
لذلك: لا ينبغي الإنسان إذا الله أعطاه منصبا أو مكانةً أو مالاً أو جاها أو قوة حتى قوة بدنية ينسى الله فيتعمد على قوّته وعلى عزّته وعلى ما لديه من الإمكانية لا، إذا نسيَ الله هذا على خطر؛ لكن إنْ شكر الله على ما أعطاه من العزّة والمُلْك والتمكين والقوة والمال والصلاحية والعلم وقوة البدن وقوة الذاكرة وقوة السمع وقوة البصر إذا شكر اللهُ على ذلك زاده
﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾.
ولكن إن نسيَ الله واعتمد على ذلك فهو هالك ولا مَحالة طالت الأيام أم قَصُرت.
قناة الفوائد من كتب السلف
telegram.me/hussinnalii
في الصفحة الفوائد من كتب السلف على الفيس
facebook.com/alfuad1437/
الذهاب الى المدونة الفوائد من كتب السلف
http://foad-alslf.blogspot.com/?