قال المؤلف :
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
في القواعد المثلى
ص/ ٢٩
[ المتن ]
القاعدة الثانية :
( اسماء الله تعالى اعلام و أوصاف )
اعلام :
باعتبار دلاتها علو الذات .
وأوصاف :
باعتبار ما دلت عليه من المعاني .
وهي بالإعتبار الأول مترادفة لدلالتها على مسمى واحد ، وهو الله (عز وجل).
وبالاعتبار الثاني متباينة لدلالة كل واحد
منهما على معناه الخاص .
فـ ( الحي ، العليم ، القدير ، السميع ، البصير ، الرحمن ، الرحيم ، العزيز ، الحكيم ) . كلها أسماء لمسمى واحد ،
وهو الله سبحانه وتعالى ، لكن معنى الحي غير معنى العليم ، ومعنى العليم غير معنى القدير ، وهكذا .
[الشرح ]
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
في شرح القواعد المثلى
في ص / ٢٩
هذه القاعدة الثانية ، فيها مبحثان :
المبحث الأول :
اسماء الله تعالى اعلام وأوصاف :
فهي باعتبار دلالتها على الذات :
( اعلام ) ،
وباعتبار دلالتها على المعاني (أوصاف)،
ومثال ذلك : ( السميع ) فهو يدل على الله
؛ فيكون بهذا الاعتبار علماء ،
فـ ( السميع ) علم ، وباعتبار أن السميع
متضمن للسمع ، وأنه عز وجل يسمع كل صوت ؛ فهو صفة ، ولذلك نقول :
أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف .
وأما أسماء غير الله ، فهي : أعلام فقط ،
فقد يتسمى أحد الناس بـ: ( عبد الله )
وهو اكفر الناس ، وهذا يتسمى
بـ ( علي ) وهو سافل ، وهذا يتسمى
بـ ( حكيم ) وهو اسفه الناس ، وهذا يتسمى بـ ( محمد ) وهو مذمم ،
فأسماء غير الله أعلام مجردة فقط ، إلا
أسماء النبي (صلى الله عليه وسلم )
وأسماء القرآن ، فأسماء الرسول صلى الله عليه وسلم هي اعلام وأوصاف ؛ لأن
اسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
محمد ، وقد سمي بهذا الإسم لكثرة محامده ، أو لكثرة خصاله الحميده ، واسمه ( احمد ) لأنه احمد الناس لله
عز وجل ، وأحمد من يحمده الناس
المبحث الثاني :
وهو أن اسماء الله تعالى هل هي مترادفه أم متباينة ؟
فنقول :
أما باعتبار دلالتها على ذات الله؛
فهي : مترادفة ، فكلها تدل على ذات الله واحدة.
وأما باعتبار ما تحمله من المعاني ؛
فهي : متباينه .
فـ (السميع) و (البصير) و (العزيز)
و( الحكيم ) كلها اسماء لمسمى واحد
وهو :( الله ) فهي بهذا الاعتبار مترادفة ،
لكن (السميع) دال على السمع ،
و( البصير ) دال على البصر ، ومن المعلوم أن السمع غير البصر غير السمع
، وان العزة غير السمع ، وأن الحكمة غير السمع .... وهكذا .
🔹اعلم أن الكلمتين إما تكونا متباينتين ،
او مترادفتين ، أو مشتركتين ، أو بينهما
عموم وخصوص .
اولاً :
أن تكون الكلمتان متباينتين ، وذلك
بأن تدل كل كلمة منهما على معنى لا يتفق مع الكلمة الأخرى ، مثل :
( القمح ) و ( الأرز ) فالقمح غير الأرز
، ليس بينهما عموم وخصوص .
ثانيًا :
أن تكون الكلمتان مترادفتين ؛ لترادفهما
على معنى واحد ، كما يترادف الشيء بعضه على بعض ، مثل : ( قمح ) و ( بر ) و ( حنطك ) فكلها مترادفة ، وكذلك مثل : ( بشر ) و ( إنسان ) فهي
- ايضاً - مترادفة .
ثالثًا :
قد تكون الكلمة مشتركة ، وذلك بأن تكون هناك كلمة واحدة تدل على معان متعددة
وذلك بعكس الترادف ، ومثال ذلك ( العين ) فهي تطلق على ( العين ) التي هي الجارحة ) وعلى (عين الماء الجارية )
وعلى ( الذهب ) ، و ( الجاسوس )
إلا أن البعض يقول بإطلاق ( العين ) على ( الحاسوس ) من بال المجاز ، والمقصود أن هذه الكلمات نسميها مشتركة ؛ لأن المعاني مشتركة في لفظ واحد .
رابعًا :
ان يكون بين الكلمتين عموم وخصوص ،
بأن تكون إحدى الكلمتين أخص من الأخرى مثل : (انسان ) و ( حيوان )
فـ ( الإنسان ) نسميه ( إنسانا ) ، فهذا
خاص ، وكلمة ( حيوان ) عام ، فالحيوان
يشمل الإنسان وغيره ، ومن الطريف لو قلت للعامي : ( انت حيوان ناطق ) ، لظن أنك تشبه بالحمار ، ولو قلت له : ان كلمة ( ناطق ) هذه فصل ؛ لأقر ،
والذي أراه أن يقال : الإنسان هو البشر
وليس حيوان ناطق .
تابع القاعدة الثانية
[ المتن ]
قال المؤلف
وإنما قلنا بأنها أعلام و أوصاف ، لدلالة القران عليه . كما في قوله تعالى
( وهو الغفور الرحيم ) وقوله
( وربك الغفوز ذو الرحمة )
فان الايه الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة . ولإجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يقال : عليم إلا لمن له علم ، ولا سميع إلا لمن له سمع ، ولا بصير إلا
لمن له بصر ، وهذا أمر أبين من أن يحتاج إلى دليل .
[ الشرح ]
فإن قال قائل : ما الدليل على أن أسماء
الله تعالى أعلام وأوصاف ؟
قلنا : الدليل من القران ، ومن اللغه :
أما من القرآن : فقد قال تعالى :
( وربك الغفور ذو الرحمه )
والرحمة : صفة ، اذًا <الرحيم> معناه
ذو الرحمه .
وأما من اللغة ، فإن أهل اللغة والعرف أجمعوا على أنه لا يوصف بالمشتق إلا
من اتصف بمعناه ، فلا يقال للأصم :
< سميع > ، ولا للأعمى : < بصير >
ولا للمجنون : < عاقل > بل لابد أن تكون
هذا الأوصاف دالة على معانيها فيمن نسبت إليه ، وهو أمر أبين أن يحتاج الى
شرح .
تابع لقاعدة الثانية
[ المتن ]
قال المؤلف
وبهذا عُلم ضلال من سلبوا أسماء الله
تعالى معانيها من أهل التعطيل وقالوا : إن الله تعالى سميع بلا سمع ، وبصير بلا بصر ، وعزيز بلا عزة (١) وهكذا ...
وعللوا ذلك بأن ثبوت الصفات يستلزم وتعدد القدماء . وهذه العلة عليلة بل ميتة
لدلالة السمع والعقل على بطلانها.
——————————
(١) هذا قول المعتزلة ومن تبعهم ، قال
شيخ الإسلام ابن تيمية في
“ الرسالة التدمرية “ صـ (١٧) :
وقاربهم طائفة ثانية من أهل الكلام
من المعتزلة ، ومن تبعهم فأثبتوا لله
الأسماء دون ما تضمنه من الصفات
، فمنهم من جعل العليم والقدير
والسميع والبصير كالأعلام المحضه
المتردفات ، ومنهم من قال عليم بلا
علم ، قدير بلا قدرة ، سميع بصير
بلا سمع ولا بصر ، فأثبتوا الإسم
دون ما تضمنه من الصفات
[ الشرح ]
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
في شرح القواعد المثلى
ص ( ٣٥ )
هؤلاء المعطلة يقولون : نحن نثبت أسماء
الله ، فالله سميع ، عليم ، بصير ...
لكن بدون إثبات المعنى ، فنقول :
«سميع بلا سمع» و«بصير بلا بصر»
وهكذا ،
فإذا سألتهم عن سبب ذلك ؟
قالوا : لأنك إذا قلت : إن الله سمعًا وبصرًا وقدرة ، وقوة ،
وقلت : بأن هذه الصفات قديمة ؛ لزم من ذلك تعدد القدماء !! وانت تُنكر على النصارى قولهم بأن الله ثالث ثلاثة .
ونحن نقول : هذا القول باطل ؛
لأنه لا يلزم من تعدد الصفة تعدد الموصوف .
قال المؤلف
[ المتن ]
أما السمع : فلأن الله تعالى وصف نفسه بأوصاف كثيرة ، مع أنه الواحد الأحد.
فقال تعالى
( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ) ( البروج )
وقال تعالى
( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ
فَسَوَّىٰ * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ * وَالَّذِي
أَخْرَجَ الْمَرْعَىٰ * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَىٰ )
( الاعلى )
ففي هذه الايات الكريمة أوصاف كثيرة لموصوف واحد ، ولم يلزم من ثبوتها تعدد القدماء .
وأما العقل : فلأن الصفات ليست ذوات
بائنة من الموصوف ، حتى يلزم من ثبوتها
التعدد ، وإنما هي من صفات من اتصف بها ، فهي قائمة به ، وكل موجود فلابد له من تعدد صفاته ، ففيه الوجود ، وكونه واجب الوجود ، أو ممكن الوجود ، وكونه عينًا قائمًا بنفسه أو وصفًا في غيره .
[ الشرح ]
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
في شرح القواعد المثلى
ص ( ٣٦ )
نحن نقول : بأن الموجود تتعدد صفاته ،
ونقول ( لمن خالفنا ) : هل تثبتون أن الله موجود ؟
سيقولون : نعم ! نثبت ذلك ، نقول لهم :
وكل موجود لابد وأن تتعدد صفاته ، وهذا ضروري ، فمثلاً: الموجود فيه صفة الوجود ، وجوده إما ممكن وإما واجب ،
وهذه صفة ثانية ، ونحن نقول بأن وجودنا من باب الممكن ، وبأن وجود الله عز وجل
من باب الواجب ، ونقول كذلك : الموجود إما أن يكون وجوده عينًا قائمة بنفسها ، او يكون صفة في غيره ، فالإنسان
- مثلاً - عينٌ قائم بنفسه ، وعين الإنسان وسمعه وبصره وصف قائم بغيره ، إذًا فكل موجود لابد أن يتصف بهذه الصفات الثلاثة : « الوجودية »
، وكون وجوده واجبًا أو ممكنًا ، وكونه
عينًا قائمة بنفسها أو وصفًا في غيره ،
وهذا أمر لا يمكن إنكاره .
الضغط على هذا الرابط
https://telegram.me/hussinnalii
او
الاشتراك في الصفحة الفوائد من كتب السلف على الفيس
https://www.facebook.com/alfuad1437/
او
الذهاب الى المدونة الفوائد من كتب السلف
http://foad-alslf.blogspot.com/?
للاشتراك في قناة الفوائد من كتب السلف
الضغط على هذا الرابط
https://telegram.me/hussinnalii
او
الاشتراك في الصفحة الفوائد من كتب السلف على الفيس
https://www.facebook.com/alfuad1437/
او
الذهاب الى المدونة الفوائد من كتب السلف
http://foad-alslf.blogspot.com/?
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق